تمكّن عبد المجيد تبون الذي فاز بولاية ثانية كرئيس للجزائر، من تغيير صورته كأحد وجوه النظام إلى رئيس بوجه أبوي بالنسبة لكثيرين.
وحصل تبون البالغ 78 عاما، على 94,65% من الأصوات، أي خمسة ملايين و320 ألف صوت من أصل خمسة ملايين و630 ألف صوت مسجّل في عملية الاقتراع التي جرت السبت، وفق ما أعلنت السلطة المستقلة للانتخابات مساء الأحد.
ويعدّ تبون أوّل رئيس جزائري من خارج صفوف جيش التحرير الوطني الذي قاد حرب الاستقلال ضد المستعمر الفرنسي (1954-1962). انتخب رئيسا للمرة الأولى في كانون الأول/ديسمبر 2019، في اقتراع سجّل نسبة مقاطعة كبيرة ووسط الحراك الشعبي المطالب بإسقاط النظام بعد أن نجح في إسقاط الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
لدى وصوله الى السلطة، وصف متظاهرون جزائريون تبّون بأنه "رئيس مزوّر جاء به العسكر". لكن مع مرور السنوات استطاع ان يكسب قلوب كثيرين ويغيّر صورته. وأصدر تبون في بداية ولايته عفوا عن عشرات من سجناء الرأي.
حاول تبون التقرّب من الشعب. وعبّر عن افتخاره خلال مقابلة نشرت في أواخر آذار/مارس بلقب يطلق عليه وهو "عمّي تبون".
وأكد أن علاقته بالشباب "علاقة أبوية". لكن انتخابات السبت لم تعكس حضورا شبابيا واسعا أمام مراكز الاقتراع، على على عكس المتقدمين الذين عبروا عن "ثقتهم فيه لتحسين وضع البلد".
ركّز تبّون على التحسن الاجتماعي والاقتصادي الذي حصل خلال حكمه و دوره في انتعاش "ثالث أكبر اقتصاد في إفريقيا" بعد "عقد من حكم العصابة"، في إشارة الى بوتفليقة ومحيطه.
وبالاعتماد على المداخيل غير المتوقعة في الميزانية بسبب ارتفاع أسعار الغاز منذ العمليات الروسية في أوكرانيا في شباط/فبراير 2022، وعد الرئيس المنتهية ولايته برفع الرواتب ومعاشات التقاعد ومنح البطالة، في مواجهة مطالب الطبقة الوسطى بتحسين قدرتها الشرائية.
وتبون هو أيضا القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع الوطني، ويصطحب في عدد كبير من تحركاته ونشاطاته قائد الأركان الفريق أول سعيد شنقريحة، وهو يعتبر أن الجيش الذي دعم سقوط بوتفليقة "هو العمود الفقري للدولة".
ولد تبون في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 1945 بمنطقة المشرية شبه الصحراوية، وسط غرب البلاد، من أب فقيه ومناضل سياسي من أجل الاستقلال، ما اضطره للهروب من مضايقات الشرطة الاستعمارية نحو سيدي بلعباس على بعد 200 كلم.
تخرّج من المدرسة الوطنية للإدارة سنة 1965، وشغل منصب والٍ (محافظ) مرات عدّة خلال الثمانينات، وهو يعتمد في تسيير البلد أكثر على خبرته الطويلة في مختلف مراكز السلطة ومعرفته الجيدة بأجهزتها.
وشغل لفترة وجيزة منصب وزير منتدب للجماعات المحلية في عام 1991 في ظل رئاسة الشاذلي بن جديد، قبل أن يختفي عن الساحة السياسية.
أخرجه بوتفليقة بعد انتخابه في العام 1999 من عزلته وعيّنه وزيرا بحقائب مختلفة حتى العام 2002. وبدأت عشر سنوات أخرى من العزلة حتى عودته في 2012 الى الحكومة، ثم رئيسا للوزراء عام 2017.
لكنه أقيل بعد ثلاثة أشهر بعد تهجمه على رجال الأعمال الذين يدورون في فلك الرئيس ويستحوذون على كل الصفقات الحكومية، وغالبيهم اليوم موجودون في السجن بتهم فساد تتعلق بهذه الصفقات.
وتخلّى الرئيس التاسع للجزائر، الأب لثلاثة أولاد وبنتين، عن التدخين بعد إصابته بفيروس كورونا في تشرين الأول/أكتوبر 2020 ونقله للعلاج في مستشفى بألمانيا.