وسط معارضة واشنطن وباريس وبرلين.. ملف عودة النازحين السوريين إلى الواجهة من جديد

اندلع حريق داخل مخيم للنازحين السوريين في مدينة زحلة في محافطة البقاع شرقي لبنان، وسط حديث عن إمكانية أن يكون مفتعلًا، إذ عادت قضية النازحين السوريين في لبنان إلى الواجهة، بعد حدوث "أزمة دبلوماسية" بين بيروت ونيقوسيا بسبب تدفق قوارب الهجرة غير الشرعية للسوريين إلى قبرص، وبعد حادثة اختطاف وقتل مسؤول في "حزب القوات اللبنانية" على يد عصابة سرقة سورية، متشاركة مع يوميات العدوان في الجنوب.

ويقع المخيم الذي اندلع الحريق داخله، ظهر أمس الإثنين، للمرة الثانية في أقل من ثلاث سنوات، بجوار المقر المركزي لمفوضية الأمم المتحدة للاجئين على أوتوستراد مدينة زحلة، ويحمل الرقم 063، حيث شوهدت نيران كثيفة وأعمدة دخان تتصاعد في جانب من المخيم.

ووفق المعلومات الأولية، فإن النار شبّت أولًا من خيمة بوسطه، حيث ذُكر أن ربة إحدى العائلات كانت تحضر الغذاء، ولم يتبيّن ما إذا كان ناتجًا عن احتكاك كهربائي أو اشتعال زيت الطهي. واقتصرت الأضرار في المخيم على الماديات، إلى جانب إصابة بعض الأشخاص بحالات اختناق عالجها عناصر الدفاع المدني الذين هرعوا إلى المكان.

ورغم أنه لا مؤشرات تؤكد أن الحريق مفتعل، لكنه كان كافيًا ليعُدّه عدد من الناجين جزءًا من "عيشة الذل التي يعانوها في لبنان". فأعرب بعضهم عن خوفهم من مصير مجهول سيلقونه بعد أن أتى الحريق على أكثر من 55 خيمة، يقطنها نحو 500 نازح، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، نجو جميعهم، ولكنهم خسروا كل ممتلكاتهم.

وذكرت مصادر مفوضية اللاجئين أنها ستعمل على إيجاد الحلول السريعة لتدارك التداعيات الإنسانية والاجتماعية التي يمكن أن تتتج عن هذا الحريق، إذ بات عدد كبير من سكات المخيم من دون مأوى.
 


وقبل أيام، داهمت دوريات مشتركة من قوى الأمن اللبنانية مخيمين للاجئين السوريين في منطقة البقاع، وأبلغت قاطنيهما بضرورة إخلائها بشكل فوري.

وأقدم قاطنو مخيم في بر الياس على تفكيك حوالي 20 خيمة، بسبب إيواء سكانها مرتكبي جريمة العزونية في قضاء عاليه، التي أودت بحياة المواطن ياسر الكوكاش. وكان مخيّم آخر، "مخيم رجب" الذي يضم ما يقرب من 90 خيمة، في منطقة المرج في طور التفكيك للغاية نفسها.

وعادت قضية النازحين السوريين في لبنان إلى الواجهة، بعد حدوث "أزمة دبلوماسية متوسطة" بين بيروت ونيقوسيا بسبب تدفق قوارب الهجرة غير الشرعية للسوريين إلى قبرص، إذ تفيد تقارير بوصول أكثر من 2600 لاجئ سوري إلى الجزيرة في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، وبعد حادثة اختطاف وقتل المسؤول في "حزب القوات اللبنانية"، باسكال سليمان، على يد عصابة سرقة سورية، متشاركة مع يوميات العدوان في الجنوب، فيما يتبادل المسؤولون الاتهامات بشأن المسؤولية عن النزوح وتفاقم المشكلة.

كما تصدّر ملف النازحين واجهةَ المشهد السياسي، يوم أمس الإثنين، مع جولة مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون التوسع والجوار، أوليفر فارهيلي، على المسؤولين اللبنانيين تحضيرًا لزيارة الرئيس القبرصي، نيكوس خريستودوليديس، برفقة رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في 2 مايو/أيار المقبل، في إطار التنسيق اللبناني – القبرصي.

ومن المتوقع أن تشهد الزيارة إعلانًا عن حزمة مالية من الاتحاد الأوروبي لمساعدة لبنان في موضوع اللجوء السوري، وبهدف منع اللاجئين من الوصول بحرًا إلى قبرص، وذلك تحضيرًا للمؤتمر الذي سيُعقد في بروكسل أواخر شهر مايو المقبل. على أن تكون المساعدات للنازحين داخل الأراضي السورية.

واجتمع فارهيلي والوفد المرافق مع رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، بعد ظهر أمس، وأكد الأخير، أثناء الاجتماع، أن "على الاتحاد الاوروبي أن يغيّر سياسته في ما يتعلق بمساعدة النازحين السوريين في لبنان، وأن تكون المساعدة موجهة لتحقيق عودتهم إلى بلادهم".

من جهته، قال فارهيلي إن "المجلس الأوروبي لم يوضح فقط بأن الاتحاد الأوروبي مستعد للاستمرار بدعم النازحين السوريين في لبنان والأردن وتركيا، ولكنه أوضح أيضًا بشكل كبير أن علينا الآن مضاعفة جهودنا لمكافحة تهريب الأشخاص والتهريب بشكل عام وتعزيز حماية الحدود وأيضًا ضبط الهجرة غير الشرعية".

وأضاف "لقد أوضح المجلس الأوروبي أن التعاون مستمر مع المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة"، وأنه "يفترض احترام شروط العودة الطوعية الآمنة والكريمة بالتعاون مع السلطات اللبنانية ليتمكن النازحون السوريون من العودة إلى سوريا".

وتدرك الأطراف الرئيسية أن حل مسألة اللجوء السوري في لبنان ليس محليًا، إلا أن هناك تعنّتًا من الجانب الأمريكي والأوروبي يرفض أي حل يشمل عودة النازحين ومساعدتهم في بلدانهم بدلًا من تقديم المساعدة لهم في لبنان، ما يعزز بقاءهم واستمرار هذه الأزمة.

وتوصلت الاجتماعات الوزارية والسياسية إلى تكليف وزراء بالتواصل مع دمشق والأمن العام للتشجيع على عودة النازحين، ولكن هذه الجهود اصطدمت بقرارات غربية تحظر العودة لأسباب سياسية وبذرائع أمنية وإنسانية.

وكان هذا الملف أساسيًا في البحث بين ميقاتي ورئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني التي زارت بيروت نهاية شهر مارس/آذار الماضي، وأكّدت الأخيرة ضرورة "الحد من هذه الظاهرة واستكشاف الحلول التي تساعد على التوصل إلى حل مستدام لقضية النازحين".

وفي السياق نفسه، قالت مصادر مطّلعة إن ميلوني "تطرّقت إلى فكرة إعادة النازحين إلى مناطق آمنة أو إنشاء مناطق عازلة داخل سوريا يعود النازحون إليها، وأن ميقاتي تلقّف الفكرة وبدأ يتحدث بها في لقاءاته مع المسؤولين الدوليين". إلا أن المشكلة، بحسب المصادر، تكمن في أن "فرنسا وألمانيا لا تزالان تعارضان بشدة عودة النازحين إلى سوريا".

في وقت، ترفض الولايات المتحدة أيضًا عودة النازحين السوريين بشكل قاطع، في إشارة إلى أن المساعدات التي تصل إلى أيدي السوريين "ستساهم في تخفيف أثر العقوبات على سوريا وتعيد تعويم النظام وتريحه في حال أُعطيت لهم في بلادهم".

وبانتظار ما سيصدر عن المجتمع الدولي، تبذل الحكومة اللبنانية جهودًا لتنظيم اللجوء السوري عبر إجراءات وتوصيات، كان آخرها تلك التي صدرت منتصف الشهر الجاري عن الاجتماع الوزاري الذي ترأسه ميقاتي، إذ طلب الأخير من وزير الداخلية، بسام مولوي، "التشدد في تطبيق القوانين اللبنانية على جميع النازحين والتشدد مع الحالات التي تخالف هذه القوانين"، وذلك "مع تكاثر الجرائم التي يقوم بها بعض النازحين السوريين".

ويرزح لبنان تحت وطأة أزمة اقتصادية شديدة فاقمها اللجوء السوري والتوترات الأخيرة على حدوده الجنوبية، إثر مواصلة التصعيد الميداني بين الاحتلال الإسرائيلي و"حزب الله"، منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وذلك بالتزامن مع عدوان إسرائيلي مدمّر على قطاع غزة، بدعم أمريكي وأوروبي، خلّف أكثر من 34 ألف شهيدًا فلسطينيًا.

تم نسخ رابط الخبر