
كشف القائم بأعمال مركز قيادة اللجان المتخصصة في تطوير الاقتصاد المعرفي، التابع للمعاونية العلمية في رئاسة الجمهورية "عبد الحسن بهرامي"، في مؤتمر صحفي موسَّع عقد صباح اليوم بحضور عدد من الصحفيين والإعلاميين الأجانب، عن تفاصيل الدورة الثالثة عشرة من معرض "صُنع إيران" للمعدات والمواد المخبرية وأجهزة الفحص والاختبار المتقدمة، التي ستُقام بين 13 و16 ديسمبر 2025 في مدينة المعارض الدولية شمال العاصمة الإيرانية طهران.
وأوضح بهرامي أن معرض "صُنع إيران" انطلق لأول مرة عام 2013 كمنصة وطنية لدعم المصنعين المحليين في إنتاج المعدات والمواد المخبرية، وبهدف الحدّ من الاعتماد على الاستيراد الخارجي وتوفير احتياجات الجامعات والمراكز البحثية داخل البلاد، وقد تبنّى المعرض منذ دورته الأولى رؤية تقوم على بناء سلسلة إنتاج متكاملة تبدأ من التصميم الهندسي وصولا إلى التصنيع والتجهيز والتوريد وخدمات ما بعد البيع. وقد شاركت في دورته الافتتاحية نحو مئة شركة عرضت ما يقارب ألف نموذج من الأجهزة والمعدات المتخصصة".
وأشار بهرامي إلى أن "المعرض حظي منذ بداياته بدعم مباشر من المعاونية العلمية عبر برامج "الدعم الشرائي"، ما ساهم في تعزيز الثقة بين المراكز العلمية والبحثية من جهة، والمنتج المحلي من جهة أخرى، وأسهم في تشكيل بيئة مؤسسية تُسهّل انتقال المعرفة وتوسيع قاعدة الابتكار في البلاد".
وأوضح أن "اللجان المتخصصة التابعة لمركز القيادة تلعب دورا محوريا في تحديد الاحتياجات التقنية للقطاعات الصناعية وربطها بقدرات الشركات المعرفية داخل البلاد، إلى جانب تذليل الإجراءات البيروقراطية، وتوفير منصات تواصل فعّالة بين الحكومة والجامعات والصناعة، بما يضمن توجيه الإنتاج الوطني نحو الأولويات الاستراتيجية".
ومع توسّع المعرض عبر دوراته الـ 12 المتتالية، تطورت أهدافه من دعم الشركات الناشئة إلى بلورة رؤية استراتيجية أشمل، تشمل اعتماد "التصنيف الذكي" للدعم بناء على مستوى التكنولوجيا ونسبة المكوّن المحلي، ورفع جودة المنتجات وكفاءتها، وتحسين التصميم الصناعي وواجهة الاستخدام، فضلا عن التوسع نحو التقنيات المتقدمة وإضافة محور خاص بأجهزة "الاختبار والفحص الصناعي المتقدّم" لتلبية احتياجات الصناعات الكبرى. كما شهدت المعارض المتعاقبة توسيع برامج الدعم من الشراء المباشر إلى سياسات شراء مشروطة بالجودة والمعايير التقنية، بما يعزز تنافسية المنتج الإيراني.
وخلال الدورات الاثنتي عشرة السابقة، شاركت أكثر من ألف شركة، وتم عرض ما يزيد على عشرين ألف نموذج من المنتجات والأجهزة المتطورة، وأسهمت مخرجات المعرض في تجهيز أكثر من سبعمئة مختبر ومركز بحثي في مختلف أنحاء البلاد، في خطوة اعتبرها بهرامي حجرا أساس لبناء قدرة محلية مستدامة في مجال التقنيات المتقدمة وتقليص الفجوة التكنولوجية مع الشركات العالمية.
وحتى 2 كانون الاول / ديسمبر 2025 بلغ عدد الشركات المؤكدة مشاركتها في الدورة الثالثة عشرة من معرض "صُنع إيران" للمعدات والمواد المخبرية وأجهزة الفحص والاختبار المتقدمة نحو 250 شركة. أما عدد المنتجات والنماذج المعروضة فيقدَّر بحوالي تسعة آلاف نموذج تشمل الأجهزة، والمواد، والمستلزمات، والتجهيزات الملحقة.
ويكشف السجل المالي للاثنتي عشرة دورة السابقة عن حجم مبيعات تجاوز 2.500 مليار تومان، أي ما يعادل تقريبا 200 مليون دولار، في حين ارتفع عدد المختبرات والمراكز البحثية التي جرى تزويدها داخل إيران إلى 714 مركزا ومختبرا موزّعة على مختلف المحافظات. كما يتيح الموقع الرسمي للمعرض أمام الباحثين والمشترين الاطلاع على تفاصيل المنتجات والتسجيل عبر البوابة الإلكترونية: iranlabexpo.ir
وتحمل دورة هذا العام، المقرر تنظيمها بين 13 و16 ديسمبر 2025 في طهران، تركيزا خاصا على معدات الفحص والاختبار الصناعي المتقدّم، في خطوة تهدف إلى نقل الشركات المعرفية من نطاق الجامعات والمراكز الأكاديمية إلى القطاع الصناعي بشكل أوسع، مع تعزيز قدرة هذه الشركات على دخول الأسواق الإقليمية والدولية، بما ينسجم مع التوجه الاستراتيجي الجديد للمعرض نحو توسيع الحضور التصديري للمنتج الإيراني عالي التكنولوجيا.
هذا وتقام الدورة الثالثة عشرة من معرض "صُنع إيران" ضمن إطار 14 مجموعة رئيسية منسَّقة وفق التصنيف السلعي للمنتجات والتقنيات المعروضة، بحيث تغطي طيفا واسعا من الصناعات العلمية والهندسية. وتشمل هذه المحاور:
1- قطاع النفط والغاز والصناعات البتروكيميائية
2- الكهرباء والإلكترونيات والبرمجيات وأنظمة المحاكاة
3- البناء والهندسة المدنية
4- الميكانيك والكيمياء وعلوم المعادن
5- الزراعة وحماية البيئة
6- الفيزياء الأساسية وتطبيقاتها
7- الأجهزة المخبرية العامة
8- معدات وآلات التقنيات الاستراتيجية
9- الهندسة الطبية والمواد الحيوية
10- المواد المخبرية بمختلف أنواعها
11- التجهيزات التعليمية عالية التقنية
12- أجهزة ومعدات الفحص والاختبار الصناعي
13- خدمات المعايرة الفنية
14- خدمات الدعم الفني المتخصص
ويواكب هذا التنوع تقديم حزمة متكاملة من خدمات ما بعد البيع والتوريد والدعم التقني، بما يعزز قدرة الشركات المشاركة على تسويق منتجاتها وتلبية احتياجات القطاعين البحثي والصناعي في آن واحد.
وعن الإنجازات الاقتصادية والتقنية البارزة التي تركها المعرض خلال دوراته المتعاقبة، استعرض القائم بأعمال مركز قيادة اللجان المتخصصة في تطوير الاقتصاد المعرفي أبرز النتائج التي حققها معرض "صُنع إيران" خلال دوراته الاثنتي عشرة السابقة، مؤكدا أن المعرض مثّل تجربة وطنية ناجحة في تطبيق سياسة تحفيز الطلب على المنتجات المعرفية والتكنولوجية، بوصفه منصة استراتيجية لتحريك السوق نحو المنتج المحلي ورفع الثقة به.
ومن بين أهم منجزاته:
- تأسيس منصة وطنية متكاملة لعرض وتسويق المنتجات المعرفية والمعدات البحثية والتقنيات المتقدمة، بما أتاح للمؤسسات العلمية والصناعية الوصول المباشر إلى أحدث الابتكارات المحلية.
- نشوء وتطور ما لا يقل عن مئة شركة عالية القدرات في مختلف المجالات التكنولوجية، نتيجة البيئة التنافسية والدعم المؤسسي الذي وفره المعرض منذ انطلاقه.
- الحد بصورة ملموسة من خروج العملة الصعبة عبر تقليل الاعتماد على الاستيراد، وتوفير بدائل محلية ذات جودة مرتفعة وأسعار أقل من نظيراتها المستوردة.
- بناء بنك معلومات شامل يغطي المعدات والمواد المخبرية، إضافة إلى أجهزة وتقنيات الاختبار والفحص، ليكون مرجعا وطنيا موحدا للمراكز العلمية والبحثية والصناعية.
- تعزيز الاتصال المباشر بين المستخدم النهائي والمنتج المحلي، سواء في الجامعات أو المختبرات أو المنشآت الصناعية، وإتاحة تفاعل فني مستمر ساعد على تحسين الجودة وتطوير النماذج اللاحقة بشكل مشترك.
- دعم التصميم الصناعي وتسهيل الإنتاج المحلي للمنتجات الجديدة لأول مرة، من خلال برامج تحفيزية وحوافز مالية وتقنية، بما شجع الشركات على تطبيق معايير حديثة والارتقاء بمنظوماتها الإنتاجية.
كما وأكد بهرامي أن الرؤية المُحدَّثة لمعرض "صُنع ايران" لم تعد تقتصر على تلبية احتياجات السوق المحلية، بل تتجه نحو بناء منصة تصدير منهجية تمكّن الشركات الإيرانية ذات القدرات الصناعية والمعرفية من دخول الأسواق الدولية بثقة. وتشمل الخطوات العملية لهذه الاستراتيجية:
- دعوة المؤسسات البحثية والهيئات الحكومية في الدول المستهدفة للمشاركة والتعرف عن قرب على المنتجات المعروضة وإمكاناتها التقنية.
- الاستعداد لإقامة معارض مخصصة للشركات الإيرانية المصدّرة داخل تلك الدول، بما يتيح لها عرض منتجاتها بشكل مباشر في الأسواق الخارجية.
- تطوير مسارات للتعاون في نقل التكنولوجيا وتبادل الخبرات، إلى جانب فتح المجال أمام إنتاج مشترك مع شركاء خارجيين عند توفر الظروف الملائمة.
- تجهيز مختبرات ومراكز بحثية في الدول الشريكة من خلال توريد معدات متقدمة مصنَّعة محليا، ما يعزز الثقة بالقدرات التقنية الإيرانية.
وأشار بهرامي كذلك إلى أن وسائل الإعلام المحلية والدولية تُعد عنصرا أساسيا في إنجاح هذه الاستراتيجية، عبر نقل صورة دقيقة عن مستوى المنتج الإيراني وقدرته على المنافسة في الأسواق العالمية.
وفي رد على سؤال لوكالة Unews للأخبار حول: ما مكانة إيران اليوم في مجال المعدات المخبرية على الصعيد الدولي؟ وما تأثير العقوبات على هذا القطاع إجاب بهرامي قائلاً : "رغم التحديات، اعتبر أن العقوبات شكلت حافزا وفرصة للشركات المعرفية في إيران لتطوير معدات عالية الجودة محليا".
وقال إن الشركات الإيرانية تمكنت من إنتاج تقنيات متقدمة شملت:
- الطباعة ثلاثية الأبعاد والنمذجة السريعة
- معدات معالجة البلازما
- تقنيات تشكيل المعادن (كهرباء / مغناطيسية)
- أنظمة محاكاة طبية وصناعية شديدة التعقيد، شملت روبوتات جراحية، أنظمة جراحة قليلة التوغل، أنظمة ملاحة جراحية، أنظمة محاكاة صناعية لقطاع الفضاء
-معدات بحثية لصناعات النفط والغاز
- أنظمة طيفية للرصد في الصناعات النووية
- معدات تشخيص طبي متقدمة، منها أجهزة لتشخيص السرطان بطريقة غير تدخلية
-مجاهر نانو مترولوجية متقدمة اعتمادا على القوى الذرية والإلكترونية
وأضاف أن "هذه المنتجات صُدّرت إلى دول ذات مستوى تكنولوجي مرتفع مثل روسيا، الصين، كندا، وبعض الدول الأوروبية، ما يدل على أن إيران أصبحت من الدول الرائدة في منطقة غرب آسيا في هذا المجال، ولها قدرة على المنافسة دوليا".
وفي ردّه على سؤال لوكالة Unews حول مدى تحقيق إيران للاكتفاء الذاتي في المعدات المخبرية، وما إذا كان انخفاض الأسعار مقارنة بالنماذج العالمية يعني تراجعا في الجودة، أكد بهرامي أن "سياسة المعرض خلال الدورات الأخيرة اعتمدت على رفع جودة المنتجات وتعزيز التصميم الصناعي وتحسين تجربة الاستخدام"، مشيرا إلى تنظيم "مهرجان التصميم الصناعي" الذي يهدف إلى دعم الشركات التي تطوّر نماذج متقدمة بخصائص فنية وتصميمية أفضل".
كما أعلن تخصيص دعم خاص لعشر شركات تعمل حاليا على ترقية منتجاتها لتكون مؤهلة للدخول في الأسواق التصديرية.
وقال إن "إيران باتت قريبة جدا من تحقيق اكتفاء ذاتي نسبي في عدد كبير من التجهيزات المخبرية، مبيّنا أنه لا توجد دولة في العالم، مهما بلغت من تقدم، يمكنها الادعاء بأنها مكتفية 100%، وذلك بسبب التسارع الهائل في الابتكار والتطوير العلمي عالميا".
وأشار كذلك إلى أن "المعرض شجّع الشركات الإيرانية على الانفتاح على التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والليزر والنانوتكنولوجي، وأن الشركات التي تعمل على دمج هذه التقنيات في منتجاتها تحظى بدعم إضافي، بما ينسجم مع خطة إعداد هذه المنتجات للأسواق الدولية".
وحول آفاق المعرض وخطة ما بعد الدورة 13، دعا عبد الحسن بهرامي جميع الصحفيين ووسائل الإعلام، خاصة الأجنبية منها، إلى زيارة الدورة 13 من معرض "صُنع إيران" في طهران، والانخراط في تغطيته، لأن الإعلام يمثل "الجناح" الذي يمكن أن يساعد في نقل صورة المنتجات الإيرانية إلى الدول الشريكة والمستهدفة.
كما أعلن عن نية تنظيم فعاليات لاحقة، ربما تشمل معارض في دول مستهدفة، أو تبني برامج شراكة وتعاون دولي، وربما إقامة وحدات تصنيع مشتركة أو نقل تكنولوجيا، حسب طلب الأسواق الأوروبية والآسيوية والشرق أوسطية.
أما لماذا يُعدّ معرض "صُنع إيران" حدثا مهما للقارئ الدولي؟
- لأنه لا يقتصر على عرض معدات مخبرية، بل يشكّل نواة لصناعة وطنية تقوم على المعرفة والابتكار، مدعومة بسياسات حكومية موجّهة لتحريك الطلب وتطوير التكنولوجيا المحلية.
- لأنه يعكس قدرة إيران على تجاوز القيود المفروضة على الاستيراد بفعل العقوبات الدولية، عبر بناء منظومة تصنيع محلي ذات تطور متسارع في التصميم والجودة والتقنيات العميقة (Deep-Tech).
- لأن المعدات المعروضة لا تخدم الأوساط الأكاديمية فقط، بل تمتد إلى قطاعات حيوية مثل الصناعة الثقيلة، النفط والغاز، الطب التشخيصي، الزراعة، والبيئة، ما يمنحها تأثيرا اقتصاديا واسعا.
- لأنه يفتح الباب أمام توسع الصادرات التقنية الإيرانية، عبر بناء شراكات بحثية وصناعية ونقل تكنولوجيا مع دول المنطقة والقارة الآسيوية وحتى الأسواق الغربية.
- لأنه يقدّم نموذجا لبلد استطاع تحويل التحديات التكنولوجية إلى فرص للنمو الذاتي وتحقيق قدر كبير من الاستقلالية العلمية.
- لأن وسائل الإعلام الأجنبية تلعب دورا محوريا في هذا الحدث، إذ يعتمد صانع القرار الإيراني على تغطيتها لنقل صورة دقيقة عن القدرات المحلية وبناء جسور ثقة مع الأسواق الدولية.
ومع انعقاد الدورة الثالثة عشرة من معرض "صُنع إيران"، يتضح أن إيران تسعى إلى رسم خارطة طريق جديدة لقطاع الصناعات المعرفية؛ خارطة تمتد من تحقيق مستويات متقدمة من الاكتفاء الذاتي في المعدات المخبرية، إلى دخول مرحلة المنافسة الدولية والتصدير، ومن الاعتماد على البحث الأكاديمي إلى الارتباط المباشر بالصناعات الثقيلة والخدمات عالية التقنية، مدعومة بسياسات ابتكار وتصميم محلي، واستعداد واسع لبناء شراكات مع جهات أجنبية.
وتشير رؤية المنظمين إلى أن هذه الدورة ليست حدثا منفصلا، بل نقطة انطلاق لسلسلة من الخطوات تشمل تنظيم فعاليات خارجية، وتوسيع التعاون الصناعي الدولي، وتسهيل نقل التكنولوجيا والإنتاج المشترك.
وبهذا يشكّل هذا المعرض منصةً استراتيجية للجهات الصناعية والاستثمارية الدولية لفهم موقع إيران في منظومة الصناعات المعرفية، واستكشاف إمكانات التعاون العلمي والتقني مع الشركات الإيرانية الصاعدة.
