انعقاد مؤتمر "حقوق الأمة والحريات المشروعة في منظومة فكر قائد الثورة" في طهران

عقد مؤتمر صحفي للإعلان عن تفاصيل المؤتمر الدولي حول "حقوق الأمة والحريات المشروعة في منظومة فكر قائد الثورة"، في مركز الأبحاث التابع لمجلس صيانة الدستور في طهران، بحضور رئيس مركز الأبحاث لمجلس صيانة الدستور عباس علي كدخدائي، عضو مجلس خبراء القيادة حسين علي سعدي، أكاديمي وباحث في مؤسسة الثورة الإسلامية محمد إسحاقي، وعضو هيئة التدريس في جامعة علامه طباطبائي هدى غفاري.

وجاء المؤتمر الصحفي تمهيدا لانعقاد الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي المرتقب 2 ديسمبر 2025، وذلك بالتزامن مع الذكرى السنوية لاعتماد دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

واكد كدخدائي، في كلمة له، أن هذا الحدث العلمي يعد حصيلة عام كامل من العمل البحثي المشترك بين مؤسسات أكاديمية عديدة داخل إيران وخارجها. وقال: "قائد الثورة لا يتناول موضوع الحريات والحقوق بوصفه ملفا سياسيا عابرا، بل يمتلك منظومة فكرية متكاملة تعد من أبرز النظريات المعاصرة في هذا المجال".

وأشار إلى أن رؤية القائد للحرية ليست فردانية أو منفلتة، وليست استنساخا لنماذج وافدة، بل تقوم على أساس ديني وأخلاقي يجعل الحرية قيمة ومسؤولية اجتماعية تترجم عبر الضمانات الدستورية والآليات القانونية. وأضاف أن تعزيز هذه الضمانات شرط لتفعيل حقوق المواطنين وصون الحريات في الواقع اليومي.

وفي سياق حديثه حول البعد الدولي للحقوق، قال: "حق المقاومة هو حق طبيعي للشعوب، وثابت قبل أن تثبته المواثيق الدولية".

بدوره، قدم سعدي، قراءة في مفهوم "الحقوق العامة" في الفقه الدستوري الإيراني، معتبرا أن: "تعقيد أنظمة الحكم الحديثة يجعل حماية حقوق الناس تحديا مركزيا، ومنظومة فكر القائد تعيد التوازن بين سلطات الدولة وحق الأمة".
 


وفي رد على سؤال لوكالة UNEWS في طهران حول ما يمكن للشعوب أن تفعله لحماية حقوقها وصون حرياتها في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان وغزة، وتجاهل المجتمع الدولي والمؤسسات الأممية ومجلس الأمن لهذه الانتهاكات وعدم اتخاذ أي إجراء رادع، "فما هي الخطوات العملية المتاحة أمام الشعوب للدفاع عن حقوقها وحرياتها في مواجهة هذا الواقع الدولي المنحاز؟".

وأوضح سعدي، أن فهم طبيعة النظام الدولي والحضارة الغربية الحديثة يمثل محورا ثابتا في توصيات قائد الثورة. وقال "إن الواقع يكشف يوما بعد يوم أن القوى التي تقدم نفسها حامية للحضارة والحقوق لا تلتزم حتى بأبسط المبادئ التي تدعي الدفاع عنها".

وأضاف: "إن توصيات قائد الثورة تقوم على ضرورة الوعي العميق بمنطق القوة في العالم المعاصر. فعندما نواجه نظاما سلطويا مكشوفا لا يلتزم بأي عهد، ولا يحترم الحد الأدنى من القيم الإنسانية، يصبح خيار تعزيز القدرة الذاتية والمقاومة هو الطريق الواقعي الوحيد للشعوب".

وتابع مؤكدا أن هذا المبدأ ليس استجابة ظرفية، بل قاعدة استراتيجية كررها القائد مرارا خلال السنوات الماضية: "إذا أردنا حماية حقوقنا، سواء حقوق الشعب الإيراني أو حقوق الشعوب الإسلامية الأخرى، فلا يمكن الركون إلى الوعود الدولية أو الاعتماد على الآليات التقليدية التي أثبتت التجارب فشلها. الطريق الوحيد لصون الحقوق هو الاقتدار والمقاومة الواعية والمنظمة".

وختم سعدي بالقول إن هذه الرؤية تشكل منهجا متكاملا للتعامل مع منظومة الهيمنة الدولية، وتمنح الشعوب القدرة على الدفاع عن حقوقها بعيدا عن الارتهان للمؤسسات التي فقدت قدرتها على تحقيق العدالة.

من جهته، ركز إسحاقي على الجانب البحثي والتنظيمي للمؤتمر، مؤكدا أنه ثمرة تعاون واسع، قائلا: "المؤتمر ليس مجرد فعالية، بل مختبر فكري لإعادة قراءة مفاهيم الحقوق وربطها بالواقع الاجتماعي".

وتناولت هدى غفاري البعد الاجتماعي وحقوق المرأة، معتبرة أن: "قراءة موضوع الحريات من داخل منظومة معرفية محلية تمنح هذا النقاش عمقا وأصالة، وتحرره من القوالب المفروضة أو المستوردة".

وسيعقد الحفل الختامي للمؤتمر الدولي في 2 ديسمبر 2025 في مركز المؤتمرات الدولية لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، بحضور مسؤولين حكوميين، وأساتذة جامعات، وباحثين وخبراء من داخل إيران وخارجها. وخلال الحفل، سيتم عرض الأبحاث العلمية المختارة وتكريم أصحاب أفضل الدراسات المقدمة.

ومنذ انطلاق أعمال المؤتمر في نوفمبر 2024، تلقى مركز الأبحاث أكثر من 400 دراسة ومقالة علمية، وجرى تنظيم 71 جلسة بحثية متخصصة شارك فيها 214 من المفكرين والباحثين والخبراء من مختلف الجامعات والمراكز العلمية الإيرانية. وقد تناولت هذه الجلسات موضوعات تمتد من الحريات الاجتماعية إلى الحقوق المدنية، إضافة إلى قضايا المرأة، المواطنة، المشاركة السياسية، والضمانات الدستورية.

ويشارك في تنظيم المؤتمر وعقد جلساته التمهيدية 36 جامعة إيرانية و22 مركزا بحثيا، ما يعكس اتساع قاعدة الدعم الأكاديمي لهذه الفعالية الفكرية. كما أقيمت 13 جلسة دولية بمشاركة باحثين ومؤسسات علمية من دول عديدة، بينها: لبنان، إيطاليا، باكستان، كولومبيا، العراق، اليمن، ماليزيا، إندونيسيا، عمان، الهند، أفغانستان، جنوب أفريقيا، تونس، الجزائر، ونيجيريا.

ويهدف المؤتمر إلى:
- إعادة قراءة شاملة لفكر القائد فيما يتعلق بحقوق الأمة والحريات المشروعة.
- صياغة نموذج حقوقي متكامل مستند إلى رؤيته الفكرية.
- تعزيز الضمانات الدستورية لحماية حقوق المواطنين والحريات العامة.
- تطوير آليات الارتقاء بالحقوق استنادا إلى المنهج الديني والدستوري.
- توسيع الحوار العلمي الدولي حول مفهوم الحرية في السياق الإسلامي.

وعن رسالة المؤتمر إلى العالم، فهو يحاول تقديم فهم أعمق للحرية وحقوق الإنسان من زاوية رؤية إسلامية ـ دستورية تعتمد على تكامل الهوية والقيم والمصلحة العامة، بدلا من الصيغ الجاهزة المتداولة عالميا. وهي رسالة تسعى إلى إبراز نموذج حقوقي مستقل، لكنه منفتح على الحوار الدولي وقابل للتطبيق في الواقع.

تم نسخ رابط الخبر