"تراكتورات إيران" تحرث أراضي 25 دولة وتغطي الطلب المحلي و مجمع صناعي ضخم يقود قطاعات حيوية

تعد مجموعة صناعات تراكتور الإيرانية، التي يقع مقرها الرئيسي في مدينة تبريز غرب الجمهورية الإسلامية الايرانية، واحدة من أكبر المجمعات الصناعية في إيران ومنطقة الشرق الأوسط.

تأسست الشركة الأم عام 1968 بشراكة مع رومانيا لإنتاج تراكتورات زراعية بعلامة UTB، ثم دخلت في تعاون مع شركة "مسي فيرغوسن" (Massey Ferguson) البريطانية لإنتاج تراكتورات أكثر تطورا. ومع مرور الوقت، انتقلت إلى تصنيع محلي كامل تحت علامة إيرانية هي ITM.

في عام 1996 تحولت الشركة إلى مساهمة عامة وأدرجت في البورصة، ثم خُصخصت عام 2008 ضمن سياسة تنفيذ المادة 44 من الدستور الإيراني. ومنذ ذلك الحين، تطورت إلى مجمع صناعي ضخم يضم 12 شركة متخصصة تغطي سلسلة متكاملة من تصنيع التراكتورات، المحركات، صب المعادن، المعدات الزراعية، الأدوات الدقيقة، والمركبات التجارية.

اليوم، يعمل في المجموعة أكثر من 5400 موظف، وتبلغ طاقتها الإنتاجية السنوية نحو 40 ألف تراكتور بمختلف الفئات:
- تراكتورات خفيفة: مخصصة للمزارع الصغيرة والأنشطة البستانية.
- تراكتورات متوسطة: الأكثر شيوعا للاستخدامات الزراعية العامة.
- تراكتورات نصف ثقيلة وثقيلة: للأراضي الواسعة، الزراعة الكبرى، والأعمال الإنشائية.

عام 2023 بلغ الإنتاج حوالي 38 ألف تراكتور، مع خطط للارتفاع إلى 40 ألف هذا العام. دورة الإنتاج داخل مصانع تبريز تعكس حجم الطاقة: إذ يكتمل تصنيع تراكتور متوسط كل 6 دقائق، بينما يستغرق تراكتور أثقل نحو 12 دقيقة في خط الإنتاج الآخر. وتغطي الشركة أكثر من 99% من حاجة السوق الإيراني، مع نسب تصنيع محلي تتجاوز 90%، وتصل في بعض الموديلات إلى 97-98%.

إلى جانب السوق الداخلي، تصدر المجموعة منتجاتها إلى أكثر من 25 دولة، أبرزها تركيا، ألمانيا، إيطاليا، بلاروس وصربيا. وبلغت قيمة الصادرات نحو 61 مليون دولار عام 2023، ومن المتوقع أن تتجاوز 75 مليون دولار هذا العام.

لا تقتصر مكانة المجموعة على كونها منتج تراكتورات، بل تعد أكبر مصنع للتراكتورات في الشرق الأوسط، وأكبر منتج للمحركات الديزل والغازية في إيران. كما تمتلك أكبر مسبك للحديد والسبائك، وأكبر مركز لإنتاج الأدوات الدقيقة، وهي كذلك من أبرز منتجي المعدات الزراعية والمركبات التجارية داخل البلاد.

هذه المكانة جعلت منها ركيزة أساسية في البنية الصناعية الإيرانية، ومحركا رئيسيا لسلاسل التوريد في قطاعات متعددة. كما تمتلك شبكة واسعة تضم 120 وكالة بيع وخدمات ما بعد البيع تغطي مختلف المحافظات الإيرانية.

وتلعب التراكتورات دورا محوريا في الزراعة الإيرانية، إذ تستخدم في معظم المحافظات الزراعية من الشمال حتى الجنوب. ومن خلال تلبية أكثر من 99% من الطلب المحلي، أسهمت المجموعة في تقليص الاعتماد على الواردات، وتوفير معدات أساسية لتحقيق الأمن الغذائي الوطني. هذا الدور يتضاعف أهميته في ظل العقوبات، حيث تمثل منتجات المجموعة ضمانة لاستمرار المكننة الزراعية وتطوير الإنتاج الزراعي.

ومن أجل دعم هذه القدرة الصناعية وتعزيز التكامل في سلسلة الإنتاج، لم تكتف مجموعة تراكتور بتصنيع التراكتورات وحدها، بل أنشأت شركات متخصصة تعمل كأذرع صناعية مساندة. هذه الشركات تغطي مجالات حيوية مثل صب المعادن، صناعة المحركات، إنتاج الأدوات الدقيقة، المعدات الزراعية، والمركبات التجارية، لتجعل من المجموعة مجمعا متكاملا قادرا على تلبية مختلف احتياجات الزراعة والصناعة في إيران وخارجها، ومن ابرز الشركات:

* شركة صب المعادن
تعد من أكبر وأهم شركات المجموعة، إذ تأسست عام 1987 لتلبية احتياجات التراكتورات والمحركات داخل المجمع.
- الطاقة الإنتاجية: أكثر من 70 ألف طن سنويا.
- تنوع الإنتاج: أكثر من 400 نوع من القطع، تتراوح أوزانها من 200 غرام إلى 350 كيلوغرام.
- التوزيع: نصف الإنتاج يستخدم داخل المجموعة، والنصف الآخر يباع لشركات صناعية أخرى أو للتصدير.

تطبق الشركة تقنية الصب بالرغوة الضائعة (Lost Foam Casting)، وهي تقنية متقدمة موجودة في دول مثل ألمانيا وأمريكا والصين، تتيح إنتاج قطع معقدة بدقة عالية مثل كتل المحركات وأذرع التوصيل ومسـننات المركبات الثقيلة. وتصدر منتجاتها بانتظام إلى دول أوروبية، بمتوسط صادرات يتجاوز 1000 طن شهريا.

* شركة صناعة المحركات
تمثل القلب النابض للمجموعة في مجال الطاقة. أُسست عام 1985 تحت ترخيص من شركة Perkins البريطانية.
- المحركات المنتجة: ديزل ثلاث وأربع وست أسطوانات (Cylinders) بقدرات من 35 إلى 150 حصانا.
- الاستخدامات: تراكتورات، شاحنات، حافلات، مولدات كهرباء، معدات صناعية وبحرية.
- الإنتاج السنوي: نحو 42 ألف محرك عام 2023، مع خطة لزيادة الإنتاج إلى 45.5 ألف محرك هذا العام.
- المولدات الكهربائية: ارتفع الإنتاج من 4 آلاف إلى 8 آلاف وحدة في عام واحد.
تعمل الشركة على تحديث تقني مستمر، حيث أنتجت محركات متوافقة مع معايير الانبعاث الأوروبية يورو 3 (Euro 3) ويورو 4 (Euro 4)، وتسعى حاليا للوصول إلى يورو 5 (Euro 5). كما تُعد المركز المرجعي الوطني لاختبار واعتماد المحركات في إيران.

* شركة الخدمات الصناعية
بدأت كتزويد مرافق الطاقة داخل المجمع الصناعي، لكنها تحولت لاحقا إلى ركيزة إنتاجية مستقلة:
- منتجاتها: حفارات صغيرة (Backhoe Loader)، كبائن تراكتورات، مضخات وصمامات هيدروليكية، أنظمة كهربائية، لوحات قيادة، وحدات الكلتش، وجكات هيدروليكية.
- أهميتها: مكنت المجموعة من تقليل الاعتماد على الاستيراد، خصوصا خلال فترات العقوبات، عبر تصنيع مكونات حساسة كانت تُستورد سابقا.

* شركة المركبات التجارية
تأسست عام 1995 لإنتاج الشاحنات والمركبات التجارية:
- أنتجت الشاحنة الخفيفة آذرخش بنسبة تصنيع محلي تفوق 85%.
- أطلقت الشاحنة الحديثة C500 بوزن 11 طنا، مطابقة للمعايير العالمية.
منذ 2020، توسعت في إنتاج هياكل وتجهيزات المركبات التجارية المختلفة.

* شركة المعدات الزراعية
أحدث شركات المجموعة، أُنشئت عام 2022 لتصميم وإنتاج آلات مكملة للتراكتورات:
- من منتجاتها: آلات زرع الشتلات، حصادات العلف (Chopper)، محاريث قرصية (Disk Plough)، آلات الزراعة الصفّية (Seeder)، المحاريث ثنائية الوجه، وآلات كبس القش (Baler).
- هدفها: تقديم حزمة متكاملة من الحلول الزراعية بدءا من التراكتور وصولا إلى المعدات الميدانية.

* مركز صناعة الأدوات
تأسس مع الشركة الأم عام 1968 لتصنيع الأدوات الخاصة بخطوط الإنتاج:
- في 2018 أُدخلت خطوط حديثة للأدوات الدقيقة.
- في 2020 أطلق خط الطلاء بتقنية (ARC PVD Coating) ترسيب فيزيائي بالبخار بالقوس الكهربائي، تقنية ألمانية متقدمة.
- في 2022 دشن أول خط لإنتاج (Broach) أدوات تفريز داخلية في إيران.
بهذا أصبحت منتجات المركز قادرة على منافسة الأدوات الأوروبية.

* مختبر المعايرة والقياس الدقيق
يعمل منذ تأسيس الشركة الأم، ويختص بالمعايرة والقياس:
- مجالاته: الأبعاد، الضغط، العزم.
- تجهيزاته: أجهزةCMM (Coordinate Measuring Machine) ثلاثية الأبعاد.
في 2023 حصل على شهادة الاعتماد الدولية ISO/IEC 17025:2017، ما أتاح له تقديم خدمات قياس لمختلف الشركات الإيرانية والدولية.

تجسد مجموعة صناعات التراكتور الإيرانية مسيرة تطور صناعي متكامل على مدى أكثر من خمسة عقود. من مصنع واحد للتراكتورات، تحولت إلى مجمع صناعي ضخم يقود قطاعات حيوية: المحركات، صب المعادن، الأدوات الدقيقة، المعدات الزراعية، والمركبات التجارية.

ورغم العقوبات والتحديات البيئية، فإن بنيتها الصناعية المتكاملة، فإن نسب الاكتفاء الذاتي المرتفعة، ودورها المباشر في الأمن الغذائي الإيراني، إلى جانب توسعها المستمر في الأسواق الخارجية، تجعل مستقبلها واعدا ومليئا بالفرص لإيران والمنطقة.

تم نسخ رابط الخبر