نشطاء وخبراء حقوقيون ينددون بالإبادة الجماعية في غزة ويدعون إلى وقف الدعم الغربي لـ"إسرائيل"

ضمن أعمال الدورة الـ59 لجمعية حقوق الانسان في جنيف في سويسرا، نُظمت ندوة حول "حالة حقوق الإنسان في فلسطين" بشكل مشترك بين منظمة الدفاع عن ضحايا العنف (ODVV)، وبمشاركة ناشطين إجتماعيين وسياسيين إضافة الى مؤرخين وباحثين.

وخلال كلماتهم، دعا المشاركون الى "وقف الدعم العسكري والمالي لإسرائيل، ومواصلة الضغط على الحكومات الغربية لمقاطعتها، وتفعيل المساءلة القانونية الدولية".

كما دعا المتحدثون إلى "دعم المقاومة الشعبية، والمبادرات الإنسانية المباشرة، وتصعيد حملات المقاطعة، وخلق آليات قانونية بديلة تُمكن الشعوب من الدفاع عن حقوقها في ظل عجز المؤسسات الدولية القائمة".

وخلال الندوة، ألقى المؤرخ والأكاديمي الدكتور لويس يالدي كلمة خلال الندوة، تناول فيها الأبعاد التاريخية والآنية للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في فلسطين، واصفًا ما يجري في غزة بأنه "إبادة جماعية" تؤكد ما تنبأ به المفكر والدبلوماسي السوري-الفلسطيني الراحل، فايز صايغ، منذ أكثر من ستة عقود.
 


وأشار يالدي إلى أن "قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3379 الصادر عام 1975، والذي نص صراحة على أن "الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري"، هو القرار الوحيد الذي تم التراجع عنه في تاريخ الأمم المتحدة، وذلك تحت ضغوط أمريكية قبيل مؤتمر مدريد عام 1991".

وسلط الدكتور يالدي الضوء على "أعمال فايز صايغ، لا سيما دراسته التأسيسية "الاستعمار الصهيوني في فلسطين" التي صدرت عام 1965 عن مركز الأبحاث الفلسطيني في بيروت، والتي حدد فيها ثلاث سمات أساسية للدولة الصهيونية: الطابع العنصري، الإدمان على العنف، والنزعة التوسعية."

وأكد المتحدث أن "هذه السمات لا تزال واضحة وجلية في السياسات والممارسات الإسرائيلية حتى اليوم، سواء في غزة أو الضفة الغربية أو في الاعتداءات المتكررة على دول الجوار مثل لبنان وسوريا وإيران.

وأضاف أن "الاحتلال لا يقتصر على عام 1967، بل إن المشروع الصهيوني منذ نشأته اعتمد على التهجير القسري للفلسطينيين وفرض نظام أبارتهايد متكامل ضد من بقي منهم داخل أراضي 1948، مشددًا على أن العنصرية في هذا السياق ليست "عارضًا طارئًا" بل "سمة بنيوية ودائمة".

كما أشار إلى "العدوان الإسرائيلي على بيروت عام 1982 باعتباره نموذجًا سابقًا لحصار غزة اليوم، حيث تم حينها قطع الإمدادات الأساسية عن المدينة وقصفها بشكل مكثف، في انتهاكات اعتبرتها لجنة قانونية دولية بمثابة "شكل من أشكال الإبادة".

وفي ختام كلمته، دعا الدكتور يالدي إلى "ضرورة فهم الصهيونية على حقيقتها باعتبارها "مشروعًا توسعيًا استعماريًا عنصريًا غير قابل للإصلاح"، مشددًا على أن "السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقق مع كيان يستند إلى هذه الأسس"، ومطالبًا بـ"العزل الكامل للمشروع الصهيوني ودعم حق العودة الكامل وغير المشروط لجميع اللاجئين الفلسطينيين".

من ناحية أخرى وفي كلمته، استهل الناشط أنور الغربي مداخلته بلحظة صمت رمزية امتدت عشر ثوانٍ، معتبراً أن "هذه الثواني الطويلة تُمثل مجازاً بسيطاً عن المعاناة اليومية التي يعيشها سكان غزة منذ أكثر من 660 يوماً من القصف المتواصل"، مشيراً إلى أن "ما يقارب 60 ألف فلسطيني قتلوا، والضعف منهم جُرحوا، ونصفهم من النساء والأطفال".

وانتقد الغربي ما أسماه بـ"مسرحية المساعدات الإنسانية"، معتبراً أن "مؤسسة غزة الإنسانية" التي تأسست بدعم من إسرائيل والولايات المتحدة ليست سوى وسيلة جديدة لإعادة تسويق الاحتلال ومأسسة الحصار المفروض على قطاع غزة، واصفاً إياها بأنها "تتعارض مع المبادئ الأربعة الأساسية للعمل الإنساني: الإنسانية، والحياد، وعدم التمييز، والاستقلالية".

وكشف الغربي أن "منظمته تقدمت بشكويين أمام القضاء السويسري؛ الأولى تطالب بشطب مؤسسة غزة الإنسانية من السجل التجاري، والثانية تهدف إلى ملاحقة القائمين عليها جنائياً، مؤكداً أن "المؤسسة تعمل عبر معابر تخضع لسيطرة الاحتلال وتستبعد السكان ذوي الإعاقة والجرحى من تلقي المساعدات".

من جانبه، قال الدكتور ماكس آيل، الباحث في جامعة تونس وجامعة غينت البلجيكية، إن "ما يحدث في غزة هو شكل من أشكال الإبادة السياسية والجماعية"، مشيراً إلى أن "السياسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين ليست جديدة، بل تعود جذورها إلى اتفاقيات أوسلو ومحاولات تقويض الحركات الوطنية المقاومة. واعتبر أن ما جرى بعد السابع من أكتوبر ليس إلا تسريعاً لمخططات قائمة منذ عقود تهدف إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني.

وأضاف آيل أن "الولايات المتحدة ليست شريكاً صامتاً بل طرف مباشر في الحرب"، مشيراً إلى أن دعمها العسكري لإسرائيل هو جزء من سياسة إقليمية شاملة تهدف إلى إخضاع الشعوب من العراق إلى اليمن مروراً بلبنان وسوريا.

أما الناشط السويسري سامويل كيريتانون، الذي نظم سابقاً "المسيرة العالمية إلى غزة"، فقد تساءل بمرارة: "هل نتحدث في صحراء؟"، مشيراً إلى أن "الأطفال في غزة يُحرقون بالفوسفور الأبيض، بينما يكتفي العالم بالكلمات. ودعا إلى تحركات مباشرة من بينها تنظيم أساطيل بحرية إنسانية، قائلاً: "الكلمات لم تعد كافية. علينا أن نتحرك الآن، لا غداً".

وفي مداخلة له، تحدث الدكتور تاميل وينثان من جمهورية إيرلندا، وهو خبير قانوني ومحاضر جامعي، عن "استخدام التجويع كسلاح حرب"، مؤكداً أن "القانون الدولي يحظر استخدام المجاعة ضد السكان المدنيين". وانتقد قرار المحكمة العليا الإسرائيلية التي رفضت اعتبار حرمان سكان غزة من الغذاء والدواء جريمة حرب، واصفاً المحكمة بأنها "جزء من منظومة الاحتلال لا أداة للعدالة".

تم نسخ رابط الخبر