ندوة تناقش اقتصاد جريمة الابادة وكلمات تؤكد فشل النظام الدولي وعجزه عن وقف الإبادة بغزة

أقامت منظمتا "الهيئة المستقلة لحقوق الانسان" و "القانون من اجل فلسطين"، اليوم الثلاثاء، ندوة حول فلسطين تركزت حول المسؤوليات الاقتصادية للدول الثالثة بناءً على الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية واتفاقية منع الابادة الجماعية.

وتناولت الندوة مسارات جديدة في مقاربة المسؤوليات الجنائية للدول والشركات إزاء ما تقوم به "اسرائيل" من مواصلة ارتكاب جريمة الابادة في قطاغ غزة.

وتميزت الندوة بمشاركة المقررة الخاصة للاراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا البانيز التي ستقدم تقريرها الدوري يوم غد الخميس أمام هيئة مجلس حقوق الانسان والمفوضية السامية تحت عنوان "من اقتصاد الاحتلال الى اقتصاد الجريمة"، وهذا هو مسار مبتكر لتوسيع دائرة المسؤولين عما يرتكبه العدو من جرائم في فلسطين المحتلة.

وتطرق المشاركون في الندوة الى أنماط متعددة من مساهمة الفاعلين الدوليين وغير الدوليين والشركات والادوات المالية التي توفر الدعم لاسرائيل في مواصلة ارتكاب الجريمة.
 


وغصت القاعة التي عقدت فيها الندوة ضمن الفعاليات المرافقة للدورة 59 لمجلس حقوق الانسان بعدد كبير من ممثلي البعثات الديبلوماسية المعتمدة لدى الامم المتحدة في جنيف وفي مجلس حقوق الانسان، وكذلك حضرها عدد كبير من ممثلي المنظمات الحقوقية غير الحكومية وناشطين حقوقيين من جنسيات مختلفة وآخرين قدموا من فلسطين المحتلة.

ولفت تواجد عناصر أمن تابعين للامم المتحدة داخل القاعة المكتظة تحسبا لمشاغبات من عدد قليل من المشاركين الصهاينة الذين حضروا الندوة.

وخلال الندوة، سلّط المتحدثون الضوء على "فشل المجتمع الدولي، وعلى رأسه الأمم المتحدة، في إيقاف الانتهاكات والجرائم المستمرة التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، لا سيما في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، مع توجيه انتقادات حادة لعجز النظام القانوني الدولي عن محاسبة الفاعلين، سواء كانوا دولاً أو شركات متورطة بشكل مباشر أو غير مباشر في دعم الاحتلال".

ودعا المشاركون إلى "ضرورة اتخاذ خطوات حاسمة، منها عزل "إسرائيل" اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، وإنهاء نظام الاستعمار والفصل العنصري، ووقف تصدير الأسلحة، واعتماد وسائل العصيان المدني، والتقاضي الاستراتيجي، إضافة إلى تحميل الشركات والدول المسؤولية القانونية والأخلاقية عن مشاركتها أو صمتها.

كما أكد المشاركون أن "ما يحدث في فلسطين ليس مجرد حالة استثنائية، بل اختبار حقيقي لصدقية النظام الدولي، مطالبين بتحرك فعلي فوري لإنهاء الإبادة بحق الفلسطينيين، ووضع حدّ لثقافة التمييز والدونية التي تبرر استمرار الجرائم بحق النساء والأطفال".

وفي مداخلتها خلال الندوة، أكدت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، أن "استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية يكشف هشاشة النظام الدولي ويفضح عجز الأمم المتحدة عن تطبيق القانون الدولي ومبادئ العدالة".

وتوقفت ألبانيز عند معاناة الفلسطينيين المحاصرين في غزة، مشيرة إلى أن "ما تقوم به "إسرائيل" من قتل وتجويع ممنهج وفرض حصار على الفلسطينيين الذين يتزاحمون من أجل حفنة دقيق، هو جريمة منظمة”، مضيفة: “نحن أمام لحظة الحقيقة. إن ما يحدث في فلسطين يفضح زيف النظام الدولي ويكشف عجزنا كمجتمع مدني وحقوقي”.

وانتقدت المقررة الخاصة تواطؤ بعض الشركات الدولية التي تعمل في إسرائيل أو تدعمها بشكل غير مباشر، مؤكدة أن "القول بعدم التورط المباشر لا يُعفي من المسؤولية”، وتابعت: "إذا قدمتم الدعم، أو سهلتم، أو استفدتم من الانتهاكات الإسرائيلية، فأنتم شركاء في الجريمة ويجب أن تواجهوا المحاسبة".

ودعت ألبانيز إلى مراجعة شاملة لمفاهيم المحاسبة الدولية، خصوصًا بعد عامي 2023 و2024، وقالت: “الإبادة الجماعية في فلسطين ليست حالة استثنائية، بل اختبار للمنظومة القانونية والأخلاقية والإنسانية الدولية. ولن يكون لما نقوم به أي معنى إذا لم نختر طريقًا جديدًا للمواجهة، طريقًا لا يسمح للمستفيدين من الإبادة أن يواصلوا التربح من الدم الفلسطيني”.

من جهته أكد ممثل المركز القانوني الاوربي على "أهمية الدور الذي يمكن أن يقوم به المجتمع المدني والدول الثالثة في مواجهة الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين"، مشيراً إلى أن "المتحدثين خلال الجلسة وصفوا بشكل واضح دور الفاعلين الاقتصاديين في احتلال فلسطين والانتهاكات الممنهجة بحق الشعب الفلسطيني."

وأوضح أن "هناك شرحاً قانونياً وافياً تم تقديمه حول التزامات الدول الثالثة تجاه هذه الانتهاكات"، متسائلاً عن "جدوى غياب الأفعال الجدية من قبل الدول القوية والمجتمعات التي تستضيف هذه الشركات الداعمة للاحتلال"، قائلاً: "ليس هناك فعل حقيقي من خلال الدول الأكثر قوة في المجتمع المدني لتتخذ إجراءات من أجل هذه الانتهاكات".

ودعا إلى "متابعة خطوات الفلسطينيين في كفاحهم، والوقوف معهم رغم التحديات، كما طالب بتنظيم الجهود وتحشيد الدعم لتحرير فلسطين، وتسريع السبل المدنية لإنهاء الاستعمار والاحتلال، مع التأكيد على ضرورة وقف تصدير القنابل ومنع وصول الأسلحة التي تُستخدم في ارتكاب الإبادة في غزة".

وأشار إلى أن "المجتمع المدني مطالب بتبنّي العصيان المدني، ودعم الجهود القانونية والتنظيم مع المجتمع المدني الفلسطيني لتوحيد الاستراتيجيات،" مؤكداً على "أهمية استخدام الزخم القانوني الصادر عن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، والإجراءات القضائية مثل مذكرات الاعتقال."

بدوره أكد أحد الشاهدين على الابادة الجماعية في غزة على "ضرورة التحرك الفوري لوقف قتل المدنيين المحميين في غزة"، مشيراً إلى أن "الوقت في القطاع يُقاس حالياً "بجثث الأطفال ونقص الأدوية والمياه والخوف".

وأضاف: "نحن نشهد انهياراً لما كنا نعتقد أنه نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية. نحن نتحدث عن العدالة والقانون الدولي، فيما تُعرض جريمة الإبادة في غزة على شاشات التلفاز، كواحدة من أبشع الجرائم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية".

وأوضح أن "الفهم الوحيد لاستمرار هذا الوضع يكمن في "ثقافة تفضيلية" تقابلها "ثقافة دونية"، حيث يُنظر إلى النساء والأطفال الفلسطينيين على أنهم "عبء على الإنسانية"، مشيراً إلى أن أكثر من 74% من الضحايا هم من النساء والأطفال".

وأضاف: "استخدام معاداة السامية كتبرير لهذا العنف يُعبّر عن ثقافة دونية تعتبر أن من ينتمون إليها عبء على البشرية"، مشدداً على أن "الوقت قد حان لإنهاء هذا الوضع، وليس فقط الحديث عن المحاسبة، والتي استمرت عقوداً دون نتائج حقيقية".

تم نسخ رابط الخبر