
عاد المواطن اللبناني، حيدر سليم، إلى بلاده محرراً من سجون السلطات السعودية، بعد نحو ثلاثة أعوام قضاها معتقلاً بمدينة جدة، على خلفية تهم سياسية، وُجّهت له بعد ترديده شعارات دينية في الحرم المكي خلال أدائه مناسك الحج عام 2023.
والتُقط مقطع فيديو في ذلك العام لسليم متقلداً لباس "الإحرام" حول الكعبة وهو يردد دعاءً دينياً، برتبط بعقائده الإسلامية الملتزمة، ليتفاجئ الشاب باقتياد الشرطة السعودية له، ويرى نفسه بمواجهة تهم سياسية قادته للسجن.
يروي الشاب، مصدوماً، السبب الذي قضى لأجله ثلاث سنوات في السجون السعودية، وقال إن "الدعاء لا يمس أحداً، ولا يسيء لأي بلد أو مذهب أو طرف، فالجميع يؤمن بمخلص له حسب معتقادته كما نحن في الإسلام وكما المسيحيين المؤمنين بالنبي عيسى".
ويشير سليم إلى مبررات التهم السياسية التي صنف ضمنها، ويقول: "لم أتعرض للسياسة مطلقاً والأمر مرتبط تماماً بأنني من أبناء الطائفة الشيعية".
وبقي اللبناني حيدر سليم معزولاً عن العالم لأكثر من ثلاثة أشهر بعد توقيفه، وممنوعاً عنه الاتصال أو التواصل مع عائلته حتى التي سيطرت عليه مشاعر القلق البالغ عليها حينها، إلى أن نقل لسجن في جدة.
وتابع سليم الذي تقطن عائلته في الضاحية الجنوبية لبيروت، أخبار الحرب الإسرائلية على لبنان أواخر العام الماضي، عبر الهاتف مع والده الذي كان يتصل به بين الحين والآخر، لكن الحادث الوحيدة الذي أتى على ذكره كان غارات الـ27 من أيلول العام الماضي، تلك التي اغتيل فيها الأمين العام السابق لحزب الله الشهيد السيد حسن نصرالله، الذي وعد الشاب بلقائه بعد تحريره، وكان ينتظر تلك اللحظة بفارغ الصبر.
وقال سليم: "سألت والدي خلال مكالمة هاتفية عن غارة عنيفة اعتقدت أنه استهدفت حي الطيونة في بيروت، قبل أن يبدء بالبكان ليجيبني بأن السيد نصر الله استشهد" هكذا تلقى الشاب نبأ استشهاد سيد المقاومة، ومع سرده تلك اللحظة أجرش بالبكاء أمام الكاميرا.
ومنتصف ليل الثلاثاء الأربعاء، أفرجت السلطات عنه حيدر، في إطار جهود دبلوماسية لبنانية غير معلنة، ليسلك طريقه نحو مدينته بيروت، عالقاً بين مخاوف تجدد الاعتقال خلال الطريق الذي سلكه من سجن حتى وصوله المطار.
ويقول حيدر سليم: "شعرت بالهدوء والطمأنينة عندما رأيت الطائرة التي تحمل العلم اللبناني في أحد المطارات القديمة في جدة، وحتى قطعت نصف المسافة في الجو، لم يفارقني للحظة الخوف من العودة للسجن".
ودخل المفرج عنه حيدر سليم مطار بيروت الدولي فجر الأربعاء، وسط استقبال شعبي حاشد، بينما علّق سكّان حييه لافتات وصور ترحيبية بعودته.
ومن حادثة فقد سيد شهداء المقاومة التي دفعته للبكاء، يعود سليم ليختتم حديثه بالقول: "بعد استشهاد السيد صبّرت نفسي، بأن هذه هي مسيرة أهل البيت.. التضحيات، فقبل نصر الله استشهد راغب حرب وعباس الموسوي، واستمرت المسيرة، ونحن اليوم نعاهد الشيخ نعيم قاسم كما عاهدنا السيد نصر الله، مستعدون للتضحية بكل شيء".